الأحد، 27 أكتوبر 2013

| الأربعون قبل الأربعين ||~

{ الحُب }

عن الباقر (ع) : "وهل الدينُ إلا الحُب؟ ألا ترى إلى قولِهِ تعالى: "إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يُحببكُم الله.." الدينُ هوَ الحُب والحبُ هو الدين.

الحبُ أهم مُرَكَّب بسيط يُمكِن أن يسودَ في علاقات الناس بالله وببعضهم وبالأشياء. وهو الوحيدُ القادرُ على تغيير روابط القلوب وتبديل موادِها وإحالة صفاتها وخصائصها وأشكالِها. الحُب هو الترياق الذي يُحدِث في قلبِ الضعيف قوّةً وشجاعة، ويزرعُ في فؤاد البخيل كرَماً وسخاءً. له قوةُ نَزْعِ الجُبن والكسَل والتكبّر الى الإقدام والإبداع والتواضع، هو قوّةُ النفس التي يقوى الجسد بها أو يضعف أمامها، هو الذي يصنع الأبطال، ويُوقِظ القوى ويُطلِق الطاقات، هو شعورُ الرّقة والصفاء واللُطف والسكينة...

يذكر اللهُ في القرآن الكريم مفهوم الحب، حيثُ يُخبر بأنه يحبّ المُحسنين والتوّابين والمتطهّرين والصابرين...وأنه ألقى محبّته على موسى ﴿وألقَيتُ عَليكَ مَحبّةً مِنّي﴾، وأنه حبّب الإيمان للمؤمنين وزيّنه في قلوبهم..ما يعطي أهمية لعلاقة المحبّة كأساس للتعامل بين الناس. ويترشّح من حبّ الله محبّة الناس لبعضهم، كعلاقة الأولاد مع أهلهم وإخوانهم والآباء مع أبنائهم والرجال مع زوجاتهم وأرحامهم، لكن الله يُعطي أساساً لكلِّ هذه العلاقات، وهي أنها تستمر على المحبّة ما دامت في طول طاعة ومحبّة الله، لكن لو تعارضت محبّة النّاس مع محبّة الله، فلا بديل عن تقديم الأصل، حيثُ قالَ سبحانه قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَاد فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ، وقد وردَ عن الإمام الصادق (ع): "لا يُمحِّضُ الرجلَ الإيمان بالله حتى يكونَ اللهُ أحبَ إليه من نفسه وأبيه وأمه وولده وأهله وماله ومن الناس كلّهم..." فالحبُ موردٌ للمدح الإلهي إلا أن يتعارض مع طاعة المولى فينقلب معصية لا تدوم بخير وسلامة، هذا ما نراه جليّاً حين يُوجِب المولى طاعة الوالدين لكنها إن وصلت إلى حدود المعصية "فَلا تُطِعهُما"، وهذا ما يظهر من قول يوسف الذي وقفَ بين أن يتقبّل محبّة امرأة الحاكم الجميلة وبين الطاعة والضيق، فقال رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْه.

إنّ أيَّ حبّ بين المرأة والرجل، إذا ما وافق طاعةَ الله وتوفّر على الشروط الشرعيّة الكاملة (من عدم اللمس أو الخلوة أو النظرة أو الكلمة المثيرة...)، وكان بهدف الوصول الى الغاية الرشيدة أي الزواج، فهو على المسار السليم وتحت نظرِ الله سبحانه. أما المحبّة والمودّة الكامنة في علاقة الرجل وزوجته، فهي أصلٌ وأساسٌ يجب التأسيس والبناء عليها، بل يجب إظهارها، حيث وردَ عن الرسول (ص): قَولُ الرجلِ للمرأة : إنّي أُحبّك لا يذهبُ مِن قَلبِها أَبداً.

هذا هو إسلامُ رسولِ الرحمة والمحبّة والسلام....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارحب بوضع بصمتكم فاهلا وسهلا بكم :